٠٥‏/١٠‏/٢٠٠٨

ماء من نور-- ميفوتكش قرائتها


كتب "سألني صاحبي وهو يحاورني : كيــف تتوضأ ؟

قلت ببرود : كما يتوضأ الناس ..!!

فأخذته موجة من الضحك حتى اغرورقت عيناه بالدموع ثم قال مبتسماً :

وكيف يتوضأ الناس ..؟!

ابتسمت ابتسامة باهتة وقلت : كما تتوضأ أنت …!

قال في نبرة جادة : أما هذه فلا .. لأني أحسب أن وضوئي على شاكلة أخرى

غير شاكلة ( أكثر ) الناس ..

قلت على الفور : فصلاتك باطلة يا حبيبي .. !!

فعاد إلى ضحكه ، ولم أشاركه هذه المرة حتى الابتسام ..

ثم سكت وقال : يبد أنك ذهبت بعيداً بعيدا ..

إنا أعني ، أنني أتوضأ وأنا في حالة روحية شفافة _ علمني إياها شيخي _ فأجد للوضوء متعة ، ومع المتعة حلاوة ، وفي الحلاوة جمال ، وخلال الجمال سمو ورفعة ومعانٍ كثيرة لا أستطيع التعبير عنها ..!!

وارتسمت علامات استفهام كثيرة على وجهي ,,
فلم يمهلني حتى أسأل وواصل :

أسوق بين يديك حديثاً شريفاً فتأمل كلمات النبوة الراقية السامية جيداً :

- يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" إذا توضأ المسلم فغسل وجهه :

خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع آخر قط الماء ..

فإذا غسل يديه : خرج من يديه كل خطيئة بطشتها يداه ..

فإذا غسل رجليه : خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه ..

حتى يخرج نقياً من الذنوب .."

- وفي حديث آخر :

" فإن هو قام وصلى وحمد الله وأثنى عليه ،

وفرّغ قلبه لله تعالى : انصرف من خطيئته كيوم ولدته أمه ."

- وسكت صاحبي لحظات وأخذ يسحب نفسا من الهواء العليل

منتشيا بما كان يذكره من كلمات النبوة .. ثم حدق في وجهي وقال :

لو أنك تأملت هذا الحديث جيداً ،

فإنك ستجد للوضوء حلاوة ومتعة وأنت تستشعر أن هذا الماء الذي تغسل به أعضاءك ، ليس سوى نور تغسل به قلبك في الحقيقة !!

قلت : ياااااه !! كيف فاتني هذا المعنى ..!؟

والله أنني أتوضأ منذ سنوات طويلة غير أني لم أستشعر هذا المعنى .. إنما هي أعضاء أغسلها بالماء ثم أنصرف ، ولم أخرج من لحظات الوضوء بشيء من هذه المعاني الراقية …!

- قال صاحبي وقد تهلل وجهه بالنور ..:

وعلى هذا حين تجمع قلبك وأنت في لحظات الوضوء ، تجد أنك تشحن هذا القلب بمعانٍ سماوية كثيرة ، تصقل بها قلبك عجيباً ، وكل ذلك ليس سوى تهيئة للصلاة ..!!

المهم أن عليك أن تجمع قلبك أثناء عملية الوضوء وأنت تغسل أعضاءك ..

– قلت : هذا إذن مدعاة لي للوضوء مع كل صلاة ..

أجدد الوضوء حتى لو كنت على وضوء ..نور على نور .. ومعانٍ تتولد من معانٍٍ ..!!

- قال وهو يبتسم :
بل هذا مدعاة لك أن تتوضأ كلما خرجت من بيتك لتواجه الحياة وأحداثها

بقلب مملوء بهذه المعاني السماوية !!

- قلت وأنا أشعر أن قلبي أصبح يرف ويشف ويسمو:

أتعرف يا صاحبي ..

أنك بهذه الكلمات قد رسمت لي طريقا جديداً في الحياة ، ما كان يخطر لي على بال ،

وفتحت أمام عيني آفاقاً رائعة كانت محجوبة أمام بصري .. فجزاك الله عني خير الجزاء .

- منذ ذلك اليوم .. كلما هممت أن أتوضأ ،

سرعان ما أستحضر كلمات صاحبي ، فأجدني في حالة روحية رائعة وأنا أغسل أعضائي بالنور لا بالماء ..!!

يا لله كم من سنوات ضاعت من حياتي ، وأنا بعيد عن هذه المعاني السماوية الخالصة ..

يا حسرة على العباد …!!

- لو وجد الناس دفقة من هذه المعاني السماوية تنصب في قلوبهم ،

لوجدوا أنسا ومتعة وجمالا وصقلا واضحا لقلوبهم أثناء عملية غسل أعضائهم

بهذا النور الخالص

ليست هناك تعليقات: